اخبار محلية, الاخبار, الصحة و الغذاء و البيئة, مراجعات لكتب و قضايا اجتماعية, مقالات

حق من وارى ابنه التراب ان يعرف الحقيقة – متابعة لوفاة مواطن فلسطيني بسبب خطء طبي

بقلم الدكتور يوسف سالم نجاجرة – بيت لحم، فلسطين

إدارة الجمعية العربية في بيت جالا مطالبة بتحديد إذا ما كان سبب وفاة سعود أحمد فنون خطأ ام إهمال؟ وفي كلتا الحالتين تحمل مسؤولياتها تجاه اهل المرحوم والمجتمع.
المجتمع الفلسطيني ينتظر إجابات شافية. إن في الأجوبة المتأخرة والعامة ما يذكي الشعور بالظلم والاستهتار وهذا له عواقبه.

ومع الرفض القاطع والإدانة اللامشروطة لأي اعتداء أو تخريب لأي مرفق أو صرح عاما كان او خاص، إلا أن وفاة المرحوم سعود أحمد فنون من قرية نحالين وبشكل مفاجيء يوم اول أمس وما تلاها من أحداث مؤسفة تجعل من طرح الأسئلة التالية ضرورة ملحة.

اولا: تشخيص الحالة الطبية
بعد مضي حوالي ٤٨ ساعة على الوفاة المفاجئة وتداعياتها، كان لزاما على إدارة المشفى ان تخرج الى اهل الفقيد وتعلمهم بالتشخيص الدقيق المدعم بالوثائق والفحوصات الطبية للمرحوم لحظة قدومه.
لم يحصل. لماذا؟

ثانيا: نوعية التدخل او الاجراء الطبي
القسطرة تعرف على أنها إجراء تشخيصي او علاجي (ويتم عبر إدخال أنبوب دقيق اسمه “القسطرة” (catheterization) عبر الشرايين وصولا إلى القلب. ووفقا لجمعية القلب الأميركية، فإن هذا الإجراء يستخدم لفحص ما إذا كانت هناك مشاكل في عضلة القلب وصماماته أو الشرايين التاجية (الشرايين التي تغذي عضلة القلب)). أصبحت القسطرة السنوات الأخيرة إجراء روتينيا ذو درجة أمان عالية وقليلة المضاعفات.

يكون السؤال: هل كانت القسطرة التي أجريت للمرحوم سعود بهدف التشخيص؟ ام العلاج؟

وإذا كانت بهدف التشخيص، فما هي دواعيها؟ ما هو التشخيص الأولي الذي حدا بالطبيب اتخاذ قرار بإجراء القسطرة؟ مم شكى المحرحوم؟ وأي فحوصات أولية تم إجراؤها له؟

ومن هي الجهة الطبية التي تعاملت مع الفقيد ودرجة إختصاصها؟

أما إذا كانت كإجراء علاجي فيكون السؤال: ودونما المس بخصوصية المتوفي، من ماذا عانى المرحوم سعود؟ هل كانت لديه أمراض قلب او شرايين استدعت التدخل بواسطة القسطرة؟
هل كان لديه انسدادات في شريان أو شرايين القلب؟
هل عانى من ثقوب أو عيوب في القلب؟
هل كان بحاجة إلى صمامات قلب؟
هل عانى من عدم انتظام دقات القلب؟

ثالثا: الكفاءة والخبرة
ليس اهل المتوفي هم من تسببوا في وفاته. بل هم من يحق لهم معرفة تسلسل الأحداث الطبية-الفسيولوجية الذي انتهى بهذه الفاجعة؟ القصد هو توضيح طبي أولي لما حدث بين لحظة دخول المرحوم غرفة الفحص (العمليات) الى لحظة وفاته. هل كان المرحوم بين اياد خبيرة مؤتمنة طبيا؟
من هو الطبيب؟ لا اقصد الاسم بل الكفاءة والقدرة؟ وهل تواجد برفقته طقم مساند (فنيين، ممرضين، الخ)؟

رابعا: التجهيزات والتحوطات
وإذا كان الطاقم الطبي مؤهلا فهل مصدر الخلل غير المتوقع تقني؟
هناك كثير من الحالات الطبية التي يحصل معها تدهور غير متوقع (ما يسمى احتمال الواحد على مليون) كنزيف دموي حاد. يكون السؤال إذن:
لماذا حصل التدهور السريع؟ هل فعلا حصل تمزق في شريان رئيسي؟
هل اتخذت إدارة المستشفى التدابير اللازمة مسبقا لمثل هذه الحالات الطارئة وغير المتوقعة؟
هل تواجد طبيب مختص لهذه الحالات بالمستشفى؟
هل تم تجهيز وحدات دم احتياطية مثلا؟

خامسا: ما بعد الحدث
متبع, وفي كثير من البلدان، أنه وإذا ما حصل طارئ خلال عملية علاجية معينة أن يخرج الى الأهالي رئيس الطاقم الطبي أو الطبيب المعالج يمهد، يشرح، ويفسر لتخفيف وقع المفاجئة وصدمتها على أهل الفقيد وأعزائه. وفي بعض البلاد يستعين الطاقم الطبي مختصين نفسيين واجتماعيين للتعامل مع ذوي الفقيد.

كيف تم تبليغ أهل الفقيد بخبر وفاة مفاجيء لإنسان أعزوه؟

سادسا: بيت جالا-نحالين
بلدين تربطهما أواصر الجوار، الصداقة، والاخوة في الوطن. أهل المتوفى لم يتهموا بيت جالا كمدينة ولا كأفراد. ولم يطلبوا دم إبنهم من بلدية بيت جالا وعليه ما داعي مطالبة رئيس بلدية بيت جالا لأهل نحالين بجاهة وحقوق عشائر (كما فهم من حديثه في الوقفة الإحتجاجية)؟ شكوك أهل نحالين وخلافهم مع مؤسسة طبية تؤدي خدمة جليلة ولكنها أخفقت في واجبها, وعليه فإن الخلاف في أساسه مهني, أخلاقي, قانوني وحقوقي.

إن تصريحات المدير الإداري (ليس طبيبا بالاصل) للإعلام خلال اليوم المنصرم تفتقر للاقناع. كون الجمعية العربية صرح وطني لا يعفيها أبدا من تحمل المسؤولية وإعطاء أجوبة شافية.

واخيرا، كنت اتمنى أن لا أسمع من بعض المتحدثين خلال الوقفة التضامنية مع المستشفى بعض الإشارات بالتصريح او التلميح حول شبهات ليس لها مكان. فأهل المرحوم وطنيون ضحوا ولا زالوا بالغالي والنفيس خلال مسيرة نضال هذا الشعب. أخطأوا حين أخذتهم الحمية فجهل منهم من جهل. “هذا حدها من شرقا”.

بقلم الدكتور : Yousef Najajreh