اخبار محلية, الاخبار, سياسية و اقتصادية, مراجعات لكتب و قضايا اجتماعية

امهات الاسرى حكاية ألم لا تنتهي

بقلم: عبيرعريقات – ابو ديس، القدس، فلسطين
يعيش الانسان الفلسطيني حياته يوميا وسط انتهاكات مستمرة من الاحتلال الإسرائيلي تاركا ورائه المئات من قصص المعاناة الصامتة والتي باتت جزء من حياة الانسان الفلسطيني ولعل ابرز هذه الانتهاكات الاعتقالات اليومية التي يقوم بها الاحتلال في صفوف أبنائنا الشباب والشابات لكسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني وتجريده من كرامته الإنسانية.

يقبع الالاف من الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ويعانون من ويلات الاسر من تعذيب وانتهاك لأبسط الحقوق المكفولة لهم حسب الإعلان العالمي لحقوق الانسان , وليس الأسير من يجترع كاس المعاناة فهناك عائلته التي تركها خلفه ,وفي هذا التقرير سنتحدث عن عائلات بعض الاسرى وبالذات الأمهات جراء غياب أبنائهم عنهم وما تواجهه الام من صعوبات وتحديات.

تعيش والدة الأسير إسماعيل احمد خلف السيدة زينب عبدالله هذه الأيام معاناة من نوع اخر فابنها مضرب عن الطعام منذ أربعة وستون يوما وضعا نفسيا صعبا جراء قلقها على ابنها حيث يركد حاليا في مشفى الرملة , وقد تراجع وضعه الصحي كثيرا وفقد ما يقارب أربعة عشر كيلو غرام من وزنه.

وسط هذه الاخبار المقلقة تجلس والدة الأسير يوميا في خيمة الاعتصام التي نظمها أبناء بلدة ابوديس لمؤازرة ابنها في اضرابه عن الطعام وكفاحه كي يضع الاحتلال حدا لعملية اسره التي لا تنتهي, فقد تغيرت حياتها راسا على عقب منذ ان اعلن ابنها اضرابه عن الطعام, فاصبح الطعام ومنظره عدوا لها, كيف لها ان تتذوق الطعام وابنها يعيش على الماء والملح, فقد جافى النوم عيونها وهي تفكر بابنها كيف يقاسي ويلات الجوع وما ينتج عنه من الم نفسي بالغ.

لقد كانت السيدة زينب تجهز نفسها للاحتفال بزفاف ابنها قبل شهر من عملية اعتقاله فتحول فرحها المرتقب الى حزن لا ينتهي والم تعيش معه دوما كانت ترغب برؤية أبنائه والان كل ذلك تغير كل ما تريده هو رؤيته هو ,وان يظل على قيد الحياة, تحاول قدر الإمكان ان تعيش حياتها اليومية لان عليها تعيش وتظل قوية من اجله هو, فهي واثقة تمام الثقة بأنه سينتصر على سجانه.

وننتقل لوالدة الأسير ضرغام الاعرج السيدة حليمة الاعرج و الذي خرج من اسره قبل ٤ ايام و الذي كان محكوما عليه بتسعة عشر عاما انتهت فترة حكمه الظالمة الاسبوع الماضي بحيث افرج عنه بعد هذه الأعوام الطويلة, كانت حياة السيدة حليمة وبقية افراد العائلة ناقصة دوما فالأم دائمة التفكير بابنها الأسير وحاله وهو ما ترك لديها العديد من الامراض كالضغط الناتج عن قلقها عليه وحزنها على سنوات شبابه التي يحتجزها الاحتلال ,فلاهي قادرة على احتضانه ورؤيته كباقي الأمهات, سنوات عجاف تركت السيدة حليمة أسيرة هي الأخرى داخل بيتها نتيجة مكابدة الحزن الدائم.

كانت دائما تشعر بالفرحة الناقصة فعند نجاح اخواته وأخوته وحتى اثناء حفلات زفافهم كانت تتمنى وجوده بينهم, كثيرة هي مواقف الحياة الصعبة كانت تتمناه بجانبها.

وعندما كانت تحصل على تصريح زيارة له, كانت الزيارة بحد ذاتها عذاب لامثيل له, ولكنه كانت تتحمل كل إجراءات الزيارة الصعبة من ساعات السفر الطويلة وعمليات التفتيش المعقدة, حتى تراه وتطمئن عليه وتفرح برؤيته بعد طول حرمان, ومع كمية الحزن والتعب والوهن التي اصابتها جراء غيابه لم تعد قادره على ذلك.

خرج ضرغام من السجن وهو يحمل شهادة الماجستير والبكالوريوس والتي حصل عليهما اثناء فترة الاسر ويتقن اللغتين العبرية والانجليزية, فهو يريد ان يقول لوالدته ان سنوات سجنه الطويلة لم تذهب هدرا وانه تحدى الاحتلال بعلمه.

اتحدث هنا عن حالتين متناقضتين فالسيدة زينب عبدالله تجهل وضع ابنها داخل السجن, اما السيدة حليمة الاعرج فلقد فرحت برؤية ابنها بعد كل هذه السنوات. وواكد هنا أن الام الفلسطينية تقدم مثالا قويا على قدرة المرأة على التحدي والصبر وتقديم الدعم لابنها الأسير او الجريح, فهي تكابر على جراحها ليستمد أبنائها القوة منها, رغم تفاقم الألم داخلها وحزنها, الا انها تعلم جيدا بأن القيد سينكسر رغم انف السجان.

One thought on “امهات الاسرى حكاية ألم لا تنتهي

Comments are closed.