اخبار محلية, الاخبار, الصحة و الغذاء و البيئة, مراجعات لكتب و قضايا اجتماعية

تجربتي مع التحدي الكبير، وماذا تعلمت وتعلم زملائي من فيروس الكورونا؟

بقلم ابو علي العدم، ممرض في مستشفى أغسطى فكتوريا – المطلع، القدس، فلسطين

تحية إجلال وتقدير لكم جميعاً مع حفظ الاسماء والألقاب انا زمليكم بسام العدم ارفع لكم يدي ملقي عليكم السلام والى مهمة أخرى نلتقي لكم مني كل الحب والاحترام واتمنى انكم تكونوا دائما منارة للعلم والمعرفة والتحدي وتذكروا عندما كانت ايدينا واحدة لم نسقط بل اصبحنا اكثر قوة.

ماذا تعلمت من هذه التجربة؟
من هنا تعلمت أن الكورونا لم تأتي لتقتل وتبيد، كورونا جائت لتحيي.

نعم جائت لتحي ضميرنا وتعيد لنا هيكلية أفكارنا على مستوى الأنظمة العالمية والأولويات في تكثيف الطاقات واين تكريسها ومن هنا تعلمت ان التكريس وتكثيف الطاقات في النظام الصحي أولاً وإيماننآ بذلك على مستوى مستشفانا العريق أو مستوى اﻷمة أو البيت والعائلة لابد من إعادة تدوير البوصلة إلى مسارها الصحيح من حيث الأفكار.

الكورونا جائت لتوقظنا من غفلتنا، جائت لترينآ صغر حجمنا ﻷننا عجزنا أن نرى جرثومة أستطاعت أن تهدد عملنا وما أنجزه المطلع في سنوات بأكمله برغم من صغر حجمه التي يكاد لا تذكر، جائت لتقول لنا أن غفلنا عن متابعة الأمور وعدم الاستهتار في اقل تفاصيلها فلقد أوقفت العالم بأسره ولم تقعده شلت أركان دول وأمم، أهتزت لها منصات العالم، وتحركت بإسمها منظمات وجمعيات وسمعت صرير أقلام الكتاب والفلاسفة واقفت مستشفنا عن استقبال مرضنا الاعزاء، كنا نظن انه مجرد فايروس أبتلي به أقوام ولكن تعلمت أنه ليس ابتلاء لبعض الأقوام بل جعلني اتعلم أننا قرية واحدة في هذا العالم ولا يجوز أن تقول انني لي الحق في الضرر العام والاستهتار في ذلك كما حدث في ووهان الصينية أشخاص قلائل اوصلوا جائحة في كل العالم.

تعلمت أن نكون منظومة قوية تعمل تحت الضغط وان أرى بعيني اين الرجال ومن يتحلى بقوة القلب والقرار الحكيم، ومثالاً على ذلك أن نكون نعمل فريق واحد داخل القسم ونتعرض لضغوطات كبيرة سواء على الصعيد النفسي أو الجسدي نرى أن هناك جنود خارج القسم موجدين لمساندتنا وذلك لأنهم يعلمون قيمة ما نعمل وقيمة ما يعملون فهم كانوا عونناً كبير لنا لأننا نكمل بعضنا البعض وهذا ما يسمى اليد الواحدة.

تعلمت معنى الخوف والدموع والتعب الشديد سواء خوف المرضى ودموعهم وتعبهم من الاوجاع وقلة الراحة وانزعاجهم من أن الأشخاص الذين كانوا يتحدثون معهم دائما ً كل يوم وفي ليل وضحها أصبحوا غير موجدين لأنهم تعرضوا لهذا الفيروس الضعيف وفي الطرف المقابل التعب الشديد والارهاق ودموع زميلي من مكالمة مليئة بالشوق والحب والخوف الذي أراه وراء أعين زميلي الأخر لأنهم دخلوا لمكان تاه فيه العالم وأحتار فهنا تعلمت كيف أُخفي خوفي ودمعتي وأصرخ بصوتي العالي المتحشر بالقهر والتعاطف على زملائي من خلف الكمامة واقول لهم دائما الخوف والدموع لا تصنع الرجال فنحن اختارنا الله لنكون عون لهؤلاء المرضى وسنداً لهم ونُكمل رسالة زملائنآ الذين ضحوآ بحياتهم لأجل رسالتنآ الإنسانية فنحن الجنود التي رسخت أقدامها في الحرب عندما هرب الجميع عاشوا وعاشوا زملائي الأبطال.

وتعلمت ان المسار التعليمي بمكافحة العدوى مكمل للعقلية السليمة وفي التعامل السليم مع المرضى والحفاظ على سلامة الكادر الطبي وأصبحت أكثر إدراك في هذه الأمور لا بل كان إضافة مريحة لفريق في وقاية وحماية الجميع بإذن الله تعالى.

وتعلمت ان الفيروس أوقفت أقدس مقدساتنا في القدس من مساجد و كنائس، تهتز له القلوب وتقشعر له اﻷبدان فجعلني اتعلق أكثر حبآ في مقدساتنا وتراب وطني.

وسالت نفسي هل أدركنا عظمة المصيبة؟ مع كل هذا لم تدمع أعيننا ولم تهتز مشاعرنا فلقد أمسينا بخبر مؤسف كلف مستشفنا العريق الكثير ولكن إيماننا بمسؤوليتنا والعبء الثقيل الذي تحملته أجسادنا كانت ايدينا واحدة ضد هذا الأعصار القوي ونجحنا في هذا الدرس العظيم وسوف نستمر في العطاء فهذه الايادي يبارك الله فيها.

تعلمت من الكورونا أنه يجب أن أبدأ بالبحث عن دراسة تعليمية تحت مسمى إدارة الأزمات وسوف ابحث بشكل مستمر ونسأل أصحاب الخبرة التعليمية عن هذا الأمر لأن إدارة الأزمات شيء واقعي لأننا شعب يمر في كثير من الازمات ولعلها نقطة تحول في حياتي.

تعلمت ان الكورونا ليست وباء للبشرية بل درس من الله لنرجع حساباتنا على مستوى العملي والعقلي والديني وعدم التألي على الله لأننا لا نعلم هل هذا المرض نعمة أم نقمة أم إختبار. تعملت إن هناك أشخاص قليلون جدا منفرين متنكرين تحت غطاء الوفاء والولاء لكنهم عكس ذلك سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي يقلقون من أهمية ما نعمل ويحاربون من أجل ذلك لم نستمع لهم وأمضينآ في سبيل رسالتنا جميعاً لأنهم لن يصبحوا مثلنآ ابدأ ابدآ.

تعلمت من الكورونا أن أكون فخور بنفسي وبرسالتي الإنسانية وأن راية الحق لا تسقط بل تُسلم من رجال الى رجال وان التاريخ يصنعه من يواجه التحدي والمواجهات ويكون على يقين بالله وبعمله.

أسف للاطالة محبتي لكم عناق كبير والى اللقاء في تحدي جديد وكان نتيجة الاطمئنان على صحتي سلبية لله الحمد من قبل ومن بعد واتمنى الشفاء العاجل لكل زملائي الأبطال وكل عام وانتم بخير.

كونوا لقاح الامل و الحب