أدبية، روائية و شعر, اعلانات و نشاطات قادمة, الادبية, مراجعات لكتب و قضايا اجتماعية

قصيدة اني عائدة للشاعرة الفلسطينية حفيظة ابراهيم

فلسطينيةُ انـــا …
وعن بلادي الى اجلِ غيرِ مُسمَّى مبعدة.
فلسطينية انــا …
واحلامُ العودةِ الى وطني تُراودُني وتملِكني
وفي ضميري تقطنُ…

هنا في الغربةِ,
فلسطين تعيش بي,
تسكن نبضاتِ قلبي,
تسكن في شرايّني,
في جلدي الأسمر.
وحقولُ الزيتون في عيوني لونُها .
وشعريَ البُنِّيُّ كشجر خرّوبِها ينسدِلُ !

هي بلادي,
ايقونةُ على صدري علّقتُها
وعلى كتفي كوفيةُ, عن ابي ورثتُها
وعلى جبيني حروفُ بلادي…
عِزَّةٌ, وفَخارٌ تتوهجُ!

في صدري وفي خلايا جسدي
تعيشُ معي, في كلِّ يومٍ تتنفسُ
همومَ الحياة ، حلوَها ,مرَّها وحُرقةَ البُعدِ !

هي بلادي,
ربيعُها في قلبي يتبرعمُ
تشمُّ انفاسي ترابَ القدسِ, ويعمُّها الشمَّرْ
و رائحةُ الليمونِ والزعترْ
وعبقُ الياسمين…

أعرفُها كما تعرفني
كلَّما عنها بَعُدتُ, كلما إزداد الحنين
والأملُ بالعودة اليها, في كل حين يكبرُ!

هي بلادي,
تسعدُ جنباتي عند ذكرِها.
إن مرَّ صاحب قديم عرفتُه في ازقتِها
تلفُّنا الأُلفة بلا موعد, ويسكنُنا الحنين
الى وطن يرونَه عنّا بعيد
ونراه كحبل الوريد, منّا اقربُ!

يسكن في مآقينا وافكارِنا وذكرياتِنا
يسكن الوطن فينا
في ملامحِنا ولهجاتِا
في حركاتنا وسكناتنا
في خلجات قلوبنا …

يجلس الوطن معنا على مائدتنا
مع اكواب الشاي والقهوة يسامرُنا
وبحكايات الشتاء ينادمُنا
نتوارث حُبَّهُ فينا جيلاً بعد جيل
والأمل في العودة اليه ككرة الثلج بيننا يزيدُ ويكبُر!

تُطِّلُ بلادي عليَّ في نشرة الأخبار…
اهدُر الدمعَ في كلِّ يوم على المعابر,
والحواجز, ونقاط التفتيش, والمقابر…
اعيش جراحاتِها ، والامِها في كل حين
اُلملِم جراح بلادي عند كل مساء,
وادعو لها بالشفاء… اُصلي وابتهلُ…

وعند النصر ،
ازغرد من اعماق حُنجرتي,
ومع عصافير بلادي اُزقزِقُ ,
وكالأطفال اضحكُ
لمرئى عدوّي متجهماً يتقهقرُ !

وعندما تضيق الدنيا في عيني ,
الى عيون بلادي الوذُ واهرب
بآلامي بأحلامي
بقلبي المجروح بالحنين ينزف .
اضمُّها وتضمُّني ,
اشتمُّ في ترابها امّي,
واعدها كلَّ يومٍ في لقاء يتجدّدُ !

هي بلادي,
محراباً بنيت لها في ركن داري.
شعاراتُها , مساجدُها ، كنائسُها,
وكل مدينةٍ فيها معلقةً على الجُدران كالدُّرَر ِ!

اسمع صوتَ مآذنِها في كل صلاة,
الله اكبر تصدحُ
اسمع اجراسَ كنائسِها تراتيلاً تترنّمُ !

هي بلادي,
درّةٌ بين بلادِ الأرض اقدسُها
وروحي تطوف مع عصافير الصبح حولَها
تحمل تحياتٍ, واشواقاً, وغصة,
والبصر في الآفاق يسرحُ.
احمِّلُ الغيمَ ما يقوى على حمله من القبلاتِ,
فيذهب الى ربى وطني …
ليهطُلَ مطراً…
و فوق ترابها , تنهمر القبلُ !

هي بلادي,
مهدٌ لأحلامي, وقرةَ عيني
اتغزّلُ فيها تارةً, واتغنى,
اهازيجاً, وشعراً, ولحناً
وتارةً أخرى,
وانسجُ من الخيال قصةً من حكايات الزمان
وللزمن في بلادي حلةٌ بهيةٌ
بالعِّزِّ تسمو و تنضحُ !
لا ارضاً غيرَهايغريني البقاءُ بها
مهما علا شأنُها بين بقاع الأرض قاطبةً
فلا ارضَ عندي أبهى وأغلى وأجملُ !

هي بلادي ,
اُبعِدتُ عنها قسراً فيما مضى
لكن دمي على تراب بلادي مشفّرُ
فما استطاعتْ غربتي عنها
من تغيّير ملامحي,
او لهجتي, او بوصلةِ احلامي,
او هدفي في ان اعودَ اليها
دون تجزءةٍ
حدوديَ, الآفاقُ كلُّها
من البحرِ الى النهر
لا يُشاطِرُني بها احدٌ, لا ارغبُ !

أُريدُها كاملةً
كحقي بالعودة والحريةِ كاملُ
لا خيارَ, لا نقاشَ ولا جدلُ
اني عائدةٌ , ولا بدَّ من العودة بدُّ !
رغمَ انوفِ العالم المتفرِّج
على نكبتي ونكستي منذ عقود ,
رغم انوفِ المجالسِ والمحافلِ ,
رغم انوف مؤتمراتِ العالمِ
وقراراتِ الأُممْ …

اني عائده !

منذ زمن نقشتُ على وجه التاريخِ قسمي
وحروفُه ُفي قلبي تتهجَّدُ
قسماَ يأبى النسيان على محوهِ ,
ويأبى الدهرُ على سلبهِ ,
وهنا , و أنا بينكم قسمي اُجدِدُ !

اني عائدةٌ …

ومن امامي الفُ ميلٍ يمتَّدُ .
لكنني بدأتُ خطوةَ الأميالِ من زمنٍ ,
اذْ زرعتُ في عيون اطفالي
أن فلسطينَ حقٌ ، والعودةُ اليها شرفٌ مقدَّسُ
و أنَّه مهما طال الزمان ,
فلم
ولن يضيعَ حقٌ وراءَه مُطالِبُ!

هي بلادي ,
أقسمتُ ان اعودَ لها
وكرامةُ الشهداءِ جوازُ عودتي
فلتشهدوا !

اني عائدةٌ الى عكا,
اني عائدةٌ الى حيفا و نابلس ورام الله ,
اني عائدةٌ الى المجدَل الى الكرمِل الى غزّة ,
اني عائدةٌ لبيتِ لحمٍ والِّلد والرملة ,
الى النقب وبئر السبع والأغوار والضِّفة ,
الى صفدٍ وطبرِيِا والناصِرة ,
الى قُدسِ الأقداس عائدةٌ الى يافا ,
الى جنين الى حطين,
الى الخليل والجليل ,

ومعي,

ومعي جحافلٌ من جيل !

ارضعتُه حريَّةَ الفكرِ
وحقَّ العودةِ
وحبَّ الأرضِ
والأيمان باللهِ

فلتشهدوا !

اني عائدةُ .
عائدةٌ!
اني عائدة الى وطني ,
بمشيئة الرحمَن الواحدِ, الأحدِ .