السياسية, سياسية و اقتصادية, مقالات

يوم القدس العالمي .. يوما لإشعال الثورة

يوم القدس العالمي .. يوما لإشعال الثورة

بقلم سالي علاوي

يأتي يوم القدس هذا العام في ظروف مختلفة عن الأعوام السابقة، إذ تبشّر الجرائم الصهيونية في القدس بإشعال انتفاضة بدأت ملامحها تلوح في الأفق.

تشهد مدينة القدس في حقيقة الأمر صراعاً يومياً، وعلى مستويات مختلفة، بين إرادة الباطل الصهيونية التي تسعى إلى تهويد المدينة المقدسة وطمس هويتها الحضارية الفلسطينية والعربية والإسلامية منذ احتلال المدينة في العام 1967، وإرادة الحق الفلسطيني العربي الإسلامي المتجذر في تاريخ القدس، والذي تشهد له حجارة المدينة المقدسة وأبنيتها العتيقة.

من أبرز عوامل التوتر الحالية التي قد تشعل مزيداً من المواجهات في القدس، وفي فلسطين عموماً، وربما خارج فلسطين، عزم الاحتلال على اقتراف جريمة طرد المقدسيين من مدينتهم، عبر هدم بيوتهم وترحيلهم منها، وإحلال المستوطنين اليهود مكانهم، في سرقة علنية في وضح النهار، ومصادرة آلاف الدونمات المقدسية، والبدء بخطوات عملية لإزالة أحياء سكنية بالكامل، مثل حي الشيخ جراح وحيّ البستان، كجزء من مخطط استيطاني مستمرّ يهدف إلى السيطرة على مدينة القدس.

ويحمل شهر رمضان هذا العام في طياته مشهدين متعاكسين داخل مدينة القدس، يمثلان إرادتين متناقضتين تسعيان لرسم مستقبل المدينة المقدسة:

المشهد الأول هو تحضير الاستيطان الصهيوني لأكبر عملية اقتحام لباحات المسجد الأقصى، بدعوة من جماعات المعبد التهويدية يوم 28 رمضان، بذريعة “يوم القدس العبري” أو ذكرى “استكمال احتلال القدس”، تعبيراً عن إرادة صهيونية تهويدية عارمة تسعى إلى طمس هوية القدس الإسلامية العربية لحساب خلق “أورشليم” التلمودية الصهيونية. وفي السياق ذاته، تحويل البلدة القديمة، بأحيائها العربية المسيحية والإسلامية، إلى مدينة “داوود” التلمودية الاستيطانية اليهودية، كمقدمة لبناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.

المشهد الآخر هو إحياء الفلسطينيين والمسلمين في أرجاء العالم،  يوم القدس العالمي الذي يأتي دائما في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، هو حدث سنوي يعارض احتلال إسرائيل للقدس.

يحتاج أهلنا في القدس في حربهم على المخطط التهويدي الاستيطاني إلى استراتيجية مواجهة مقدسية تراكم محطات الانتصار المقدسية على التهويد والاستيطان، الأمر الذي ظهر جلياً في معركة البوابات الحديدية والكاميرات على باب الأسباط، مروراً بفتح مصلى الرحمة، وصولاً إلى إزالة الحواجز عن باب العمود، إذ إن وجود استراتيجية تراكم تلك الانتصارات يعد شرطاً أساسياً في تحقيق الانتصار في الحرب، وضامناً لعدم ضياع محصلة الانتصارات في تلك المعارك المقدسية هباء، من دون أن تؤثر في نتيجة الحرب النهائية على التهويد والاستيطان الصهيوني في القدس.

لا يجوز للعرب والمسلمين وكل أحرار العالم التخلي عن الفلسطينيين في حربهم ضد تهويد القدس بكل ما تحمله من رمزية دينية وعقائدية، ناهيك بأنَّ هذه الحرب التي يخوضها الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، والتي تمنعه من الاستقرار، تصبّ في خدمة الأمن القومي للمحيط العربي والإسلامي، وتحدّ من توسع النفوذ الصهيوني وتمدّده إلى باقي الإقليم العربي والإسلامي، والأهم أنها تفضح الوجه الاستعماري للمشروع الصهيوني الأميركي أمام شعوب العالم.

وما بين يوم القدس العالمي والقدس العبري، يبقى السؤال المطروح:

 كيف نحافظ على هوية القدس العربية الإسلامية؟ وكيف ندعم صمود المقدسيين في مجابهتهم الاحتلال والاستيطان والتهويد في المدينة المقدسة؟ 

وكيف ينتصر يوم القدس العالمي على يوم القدس العبري؟ 

ما زالت الطموحات والآمال تنعقد كي يصبح يوم القدس يوماً لتحريرها.